الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
30615 مشاهدة print word pdf
line-top
التحذير من السخرية من سنة النبي صلى الله عليه وسلم

وهكذا أيضًا الذين يعيبون أهل التمسك بالسنة ، مثل الذين يعفون اللحى، ويعملون فيها بما أمروا به من قول النبي صلى الله عليه وسلم: حفوا الشوارب، وأعفوا اللحى أي: أكرموها وأبقوها خالفوا المجوس فهؤلاء تشبهوا بالمجوس الذين من عقيدتهم إعفاء الشوارب وحلق اللحى، ثم لم يقفوا عند هذا بل صاروا يهزأون بأهل اللحى، فإذا رأوا الملتحي يعيبونه ويصفونه بأوصاف بشعة، فيقول أحدهم: لحيته كثيفة كأنها ذنب تيس. أو نحو ذلك، فيستبشعون هذه السنة، وما علموا أنهم بذلك يعيبون النبي صلى الله عليه وسلم.
يعيبون أهل الدين من جهلهم بهم
كما عابت الكفار من جاء من مضر
يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن إعفاءها هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه من شريعته، فالذين يعيبون ذلك لا شك أنهم يتنقصون الشرع ويتنقصون من جاء به.
هذه اللحية جعلها الله تعالى ميزة للرجال، يتميز بها الرجل عن المرأة، فلذلك صارت من شيم الرجال، فاللحية زينة الرجال، واللحية شرف الرجال، واللحية ميزة الرجال، واللحية هي الفارقة بين الرجال والنساء، ثم هي أيضًا الفارقة بين التقي والشقي، الفارقة بين المؤمنين والكفار، بين أهل الإيمان وأهل السنة مع المجوس والنصارى واليهود ونحوهم.
كان أهل الجاهلية قبل الإسلام يعفون اللحى ولا يرون في تركها بأسًا ولو كانوا كفارًا؛ لأنهم يرون أنها ميزة للرجل، وهكذا أيضًا في الإسلام، لم يزل المسلمون يفتخرون بذلك؛ بل إذا تحات شعر أحدهم استحيى أن يخرج للناس؛ بل في أول القرن الماضي كان كثير من الملوك يعاقبون بحلق اللحية، فإذا أحد -مثلًا- خرج عن الطاعة أو فارق الجماعة أو أذنب أو خان في أمانة له أو نحو ذلك عاقبه الأمراء بحلق لحيته، ومتى حلقت اختفى في بيته لا يقدر أن يخرج؛ لأن ذلك عيب، يراه عيبًا، ويراه نقيصة، فلا يخرج حتى تعود وتنبت، استحياءً، وإذا خرج فإنه يستر وجهه؛ يتلثم، دل ذلك على أنها عيب أكبر عيب.
ولكن زُيِّن لهؤلاء لما أن النصارى ونحوهم استعمروا كثيرًا من البلاد؛ استعمروا كثيرًا من البلاد الإسلامية كمصر والمغرب والجزائر والعراق ونحوهم، وكانوا يحلقون اللحى؛ يعني من عادة النصارى، وكان الناس في بلادهم يظنون أنهم أهل قوة، وأهل معرفة وذكاء، وحذق في الأمور، وأنهم ما وصلوا إلى هذه القوة وهذه المنعة إلا بسبب ما هم عليه، فعند ذلك صاروا يحلقون اللحى، في الشام وفي العراق وفي السودان وفي إفريقيا وفي أكثر البلاد الإسلامية، ثم لما توافدوا إلى هذه المملكة وصار لهم مكانة، وصاروا أيضًا يتولون أمورًا ووظائف رفيعة؛ ظن الجهلة أنهم على صواب، وأنهم هم أهل الرقي وأهل التقدم وأهل التمكن، فعند ذلك قلدوهم وفعلوا كفعلهم، وانتشر هذا الفعل الذي هو -والعياذ بالله- التشبه بالمجوس، والتشبه بالنساء.
وإذا فكر المسلم في هؤلاء الذين يعيبون أهل السنة عرف أنهم هم أولى بالعيب، فأولى بك أن تسخر منهم، إذا سخروا منك فإنك تقول كما قال نوح إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فأنتم أولى بالنقص، وأنتم أولى بالعيب؛ لأنكم تشبهتم بأمهاتكم، وتشبهتم ببناتكم وزوجاتكم، ولأنكم تركتم سنة نبيكم، ولأنكم تشبهتم بأعدائكم؛ بأعداء الإسلام الذين يكيدون لكم، فنقول: إن هذا أيضًا مما يدخل في الردة -والعياذ بالله- أو يكون سبًا للشريعة، فمن سب الشريعة أو شيئًا منها أو أبغضها فإنه حري أن يعاقب بهذه العقوبة.
كذلك أيضًا ابتلي كثير منهم بمخالفة السنة فيما جاءت به، من السنة رفع الثوب إلى نصف الساق أو إلى مستدق الساق، جاء من يعيب الرجل الذي يرفع ثوبه، فصاروا يفتخرون ويتمدحون بإرخاء ثيابهم إلى أن تصل إلى الأرض وتستر الأقدام، ويتعثر أحدهم فيها، ويكاد أن يتعثر إذا مشى، مع أن ذلك خلاف السنة.
ثبتت الأحاديث في النهي عن إطالة الثياب وإسبالها ، جاء في الحديث: ما أسفل من الكعبين فهو في النار وعيد شديد، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل بدأ به، المسبل، والمنان، والمنَفَّق سلعته بالحلف الكاذب بدأ بالمسبل الذي يطيل ثيابه، لا شك أنه يفعل ذلك عادة ترفعًا وتكبرًا وتعاظمًا في أعين الناظرين؛ مع أنه بذلك يخالف السنة، وأنه يفعل ما نهي عنه، جاء في حديث أو في أثر: أن عمر رضي الله عنه لما طعن في آخر حياته جاءه شاب وأخذ يمدحه ويثني عليه ويبشره بالخير، فلما ذهب ذلك الشاب وإذا إزاره يصل إلى الأرض، فقال: ارجع. فقال: يا بني ارفع إزارك، فإنه أنقى للثوب، وأتقى للرب. أمره بأن يرفعه إلى أن يكون إلى مستدق الساق، وأخبر بأنه أتقى لله يعني أتم للتقوى، وأنقى للثوب وأبقى له؛ يعني حتى لا يأتي عليه التمزق، فهذا من المخالفة يتهاون بها كثير من الناس، وربما أيضًا يعيبون الذي يرفع ثوبه.

line-bottom